سورة الأعراف - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأعراف)


        


قوله عز وجل: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم منْ غِلٍّ} فيه أربعة أوجه:
أحدها: الأهواء والبدع، قاله سهل بن عبد الله.
والثاني: التباغض والتحاسد.
والثالث: الحقد.
والرابع: نزع من نفوسهم أن يتمنوا ما لغيرهم. وفي نزعه وجهان:
أحدهما: أن الله نزع ذلك من صدورهم بلطفه.
والثاني: أن ما هداهم إليه من الإيمان هو الذي نزعه من صدورهم.
وفي هذا الغل قولان:
أحدهما: أنه غل الجاهلية، قاله الحسن.
والثاني: أنهم لا يتعادون ولا يتحاقدون بعد الإيمان، وقد روي عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أنه قال: إني لأرجو أن أكون أنا وعثمان وطلحة والزبير ممن قال الله فيهم: {وَنََزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ}.
وقيل: إنها نزلت في أهل بدر.
ويحتمل قوله: {وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذا} وجهين:
أحدهما: هدانا لنزع من صدورنا.
والثاني: هدانا لثبوت الإيمان في قلوبنا حتى نزع الغل من صدورنا.
وفيه وجه ثالث: قال جويبر: هدانا لمجاوزة الصراط ودخول الجنة.


قوله عز وجل: {وَعَلَى الأَعَرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمُ} أما الأعراف فسور بين الجنة والنار، قاله مجاهد، والسدي، وهو جَمْعٌ وَاحِدُهُ عُرْف وهو ما ارتفع عن غيره، ومنه عرف الديك وعرف الفرس، قال الراجز:
كل كتاب لجمعه موافي *** كالعلم الموفي على الأعراف.
وفي الذين على الأعراف خمسة أقاويل:
أحدها: أنهم فضلاء المؤمنين وعلماؤهم، قاله الحسن، ومجاهد، قال أمية بن أبي الصلت:
وآخرون على الأعراف قد طمعوا *** بجنة حفها الرمان والخضر.
وهذا وإن كان شعراً جاهلياً وحال الأعراف منقول عن خبر يروى فيحتمل أمرين:
أحدهما: أن يكون أمية قد وصل إلى علمه من الصحف الشرعية.
والثاني: أن يكون الله قد انطق به أمية إلهاماً لتصديق ما جاء به القرآن.
والثاني: أنهم ملائكة يُرَون في صور الرجال، قاله أبو مجلز.
والثالث: أنهم قوم بطأت بهم صغائرهم إلى آخر الناس، قاله حذيفة.
والرابع: أنه قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم فجعلوا هنالك حتى يقضى الله من أمرهم ما يشاء ثم يدخلهم الجنة، قاله ابن مسعود.
والخامس: أنهم قوم قتلوا في سبيل الله وكانوا عصاة لآبائهم، قيل إنهم غزوا بغير إذنهم، وقد روى محمد بن عبد الرحمن عن أبيه قال:
سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصحاب الأعراف فقال: «هُمْ قَومٌ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِمَعْصِيةِ آبَائِهِمْ، فَمَنَعَهُمْ قَتْلُهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَنِ النَّارِ ومنعهم مَعْصِيَةُ آبَائِهِم أَنْ يَدْخُلُواْ الجَنَّةَ»
ومعنى قوله: {يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ} يعني يعرفون أهل النار وأهل الجنة بعلامتهم التي يتميزون بها، وعلامتهم في وجوههم وأعينهم، قال الحسن البصري: علامة أهل النار سواد الوجوه وزرقة العيون، وعلامة أهل الجنة بياض الوجوه وحسن العيون.
فإن قيل في أصحاب الأعراف: إنهم فضلاء المؤمنين كان ذلك زيادة في ثوابهم ومبالغة في كرامتهم لأنهم يرون منازلهم في الجنة فيستمتعون بها، ويرون عذاب النار فيفرحون بالخلاص منها.
وإن قيل: إنهم المفضلون وأصحاب الصغائر من المؤمنين كان ذلك لنقص ثوابهم عن استحقاق الدخول للجنة.
وإن قيل: إنهم الملائكة، احتمل أمرهم ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يؤمروا بذلك حمداً لأهل الجنة وذماً لأهل النار وزيادة في الثواب والعقاب.
والثاني: أن يكونوا حفظة الأعمال في الدنيا الشاهدين بها عند الله في الآخرة أمروا بذلك، ما أدوه من الشهادة تبشيراً لأهل الجنة وتوبيخاً لأهل النار.
والثالث: أن يكونوا خزنه الجنة والنار، فإن من الملائكة من أفرد لخزنة الجنة، ومنهم من أفرد لخزنة النار، ويكون هؤلاء قد جمع لهم بين الأمرين، والله أعلم بغيب ذلك.
وحكى ابن الأنباري أن قوله: {وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ} معناه على معرفة أهل الجنة والنار رجال، وأن قوله: {ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ لاَ خَوفٌ عَلَيكُم} الآية من قول أصحاب الأعراف، وهو مخالف لقول جميع المفسرين.


وفي قوله: {وَنَادَى} وجهان:
أحدهما: أنه بمعنى ينادي، لأنه في المستقبل.
والثاني: أنه على الحذفِ وتقديره: إذا كان يوم القيامة نادى أصحاب الأعراف.

4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11